أنشطة المركز

أيام دراسية : الأمازيغية و سؤال العدالة الثقافية بالمغرب – اليوم الثاني

اليوم الثاني 22 ماي 2022

”دور الحقوق الثقافية و الاعتراف في تحقيق العدالة الاجتماعية ”

ذ- جمال بنعبي

استهل الأستاذ مداخلته تناول دور الحقوق الثقافية والاعتراف في تحقيق العدالة الاجتماعية. فعرف الثقافة على أنها مجموعة من القيم والعادات والتقاليد التي تميز مجتمعًا معينًا وتعكس رغبات الشعوب والعادات على الأرض. و  تسمح الحقوق الثقافية لكل شخص، سواء كان بمفرده أو معًا، بتطوير قدراته على التعرف على الذات والاتصال والإبداع، حيث تتطلب إمكانية الاستناد إلى المراجع الثقافية التي تساهم في بناء هويته. ومع ذلك، ينظر إلى الحقوق الثقافية غالبًا على أنها نماذج صريحة، متجاهلة النماذج الضمنية والفوق فردية.

و اعتبر المتدخل كون   الحقوق الثقافية تعكس  شكلًا من أشكال الاعتراف التي تتأسس بين الآباء والأبناء، ولكن أيضًا بين “مجتمعات القيم” والأفراد. و ينتمي المتمتعون بهذه الحقوق إلى ثقافات محددة ويتأثرون بها. كما  تتطلب الحقوق الثقافية نقل القيم والمعارف والموارد التي يحتاجها كل فرد لبناء هويته الثقافية. وبالإضافة إلى ذلك، تنطوي هذه الحقوق على اختيار اللغة ومواضيع البحث والإبداع وحق التعليم والتدريب والمعلومات.و تدافع العديد من المجتمعات عن ملكيتهم للأراضي الجماعية واستخدام القانون العرفي لإدارتها، وحقوقهم على بعض المناطق الغابوية، وحقهم في الاستفادة من تنمية مناسبة، وغير ذلك، لأن هذه الحقوق تعكس أساليب حياتهم والقيم التي تمثل أهداف وجودهم.
ثم انتقل المتدخل إلى دراسة المجتمع السامي   و ما يعرفه مجلس  قروي يُدعى سيدا والذي كان يلعب دورًا هامًا في توزيع الموارد الطبيعية.و يستند القانون العرفي السامي إلى فكرة أن الأرض والماء والموارد الطبيعية تنتمي إلى المجتمع، وأن النزاعات بين السكان تُحل عن طريق القانون العرفي. ومع ذلك، فإن عدم مراعاة طريقة حياتهم أدى إلى خسارة السامي في جميع النزاعات مع المجتمع غير السامي. فقد كان النصف الثاني من القرن التاسع عشر مميزًا بتهميش القانون العرفي السامي، والذي اعتبر أنه أدنى من الثقافة الاسكندنافية. ومع ذلك، تم الحصول على اعتراف دولي بالحقوق الجماعية للشعوب الأصلية، بما في ذلك السامي.

أما في المغرب ، ففي فترة ما قبل الاستعمار كان القانون العرفي يهيمن على إدارة الحياة الخاصة والعامة للسكان الريفيين. وبعد إدخال السياسات القانونية الاستعمارية والوطنية، تعرض القانون العرفي لتحولات، لكنه لا يزال ساري المفعول في العديد من المجالات الاجتماعية والاقتصادية، خاصة في المناطق الريفية. و يمكن أن يتضمن كتاب القانون العرفي المغربي الروابط الزوجية، والجرائم، والقتل، وإدارة الموارد الطبيعية.

و في الأخير ، خلص الأستاذ المتدخل إلى دور السياسات العمومية  في تحقيق العدالة الاجتماعية ، حيث ترتبط هذه الأخيرة  بالتوزيع العادل للفرص والخدمات في المجتمع بشكل يشمل جميع الفئات دون تمييز. ومن أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، يجب تخطيط سياسات عمومية تستهدف التخفيف من التفاوتات الاجتماعية والموازنة بين المناطق المختلفة،  كما يجب توفير آليات مراقبة وتقييم لتلك السياسات. وبجانب توزيع الثروة والفرص، ينبغي  أن تأخذ هذه  السياسات  بعين الاعتبار احترام  التنوع الثقافي، وتشجيع التفاعل الإيجابي بين الثقافات المختلفة، لتحقيق التنمية المستدامة وإرساء حقوق الإنسان .

تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية : التحديات و المعيقات”

د- الحسين بويعقوبي

في بداية مداخلته توقف المتدخل عند تطور الخطاب المنتج حول الأمازيغية مع دخول علوم جديدة كالأنثربولوجيا والسوسيولوجيا وقراءات جديدة للتاريخ وكذا علم السياسة  ما جعل موضوع الأمازيغية يتجاوز الحقوق اللغوية والثقافية ليؤسس لمنظور حديث للذات المغربية ويبني تصورا جديد للأنا وللآخر، وكذا للمعايير المحددة للانتماءات الإقليمية والجهوية للمغرب.

و اعتبر الدكتور كون  الدلالة العميقة لترسيم الأمازيغية في دستور المملكة المغربية تتجاوز بكثير الاعتراف بحق لغة في التواجد، إلى إعادة بوصلة المغرب ليفكر في شخصيته وما يميزه عن العالم وليبحث في تاريخه العريق عن المقومات التي تسمح له بتحقيق الإقلاع المنشود والتموقع في

العالم دون تبعية لا للشرق ولا للغرب.

و في إطار رصد التحديات التي تواجه تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية ، توقف المتدخل عند مجموعة من المعيقات من بينها :

– تحدي العقليات – تحدي “اللهجات” و”اللغة المعيار”، شفويا وكتابة –  تحدي تكوين الإداريين في الأمازيغية.- تحدي إنجاح ورش تدريس الأمازيغية  .

لينتقل بعد ذلك إلى مقاربة موضوع الإعلام و أدواره في تنمية وتطوير اللغة الأمازيغية، خاصة  ما يتعلق بتدريس الأمازيغية و التقريب بين لهجاتها، والمساهمة في تهيئتها وبذلك سيساهم في المسار الساعي لمعيرة اللغة الأمازيغية.

و إذا كان ترسيم الأمازيغية يشكل نقل نوعية في ملف القضية الأمازيغية ،  فإن هذا الترسيم ، رغم أهميته ، لا يمكن أن يضمن مستقبل الأمازيغية ،   لذلك  لا بد من  وجود حاضنة اجتماعية ودينامية إبداعية في مختلف المجالات، بدءا بالأنماط الثقافية التقليدية، ووصولا لمختلف الإبداعات العصرية، مع ضرورة الاستفادة مما توفره التقنيات الحديثة .

و في الأخير حاول الأستاذ صياغة نموذج تطبيقي عنونه بــ :” الأمازيغية لغة التقاضي وسبل تفعيل رسميتها في منظومة العدالة ” ، توقف من خلاله عند مختلف التحديات المرتبطة بإدماج الأمازيغية في منظومة العدالة

مداخلة الأستاذ علي كويلال

أستاذ مكون بالمركز الجهوي سوس ماسة

“العدالة اللغوية والثقافية في التعليم العمومي المغربي  في ضوء تجربة تدريس اللغة الأمازيغية “

افتتح المتدخل ورقته البحثية بالتذكير بسياق  محاولة الدولة المغربية عقد مصالحة مع المكون الأمازيغي ، حيث اعتبر أن بداية الاهتمام الفعلي باللغة الأمازيغية كان بعد خطاب الملك محمد السادس 17 أكتوبر 2002 بأجدير والذي تأسس بموجبه المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية .  غير أن هذا الإدماج رافقه سجال معرفي حول جدية الدولة في التعاطي مع هذا الورش الكبير، نظرا لغياب تصور واضح وإرادة سياسية حقيقية كفيلان بتمكين اللغة الأمازيغية من لعب دورها الكامل في المساهمة في الرقي بالمنظومة التربوية الوطنية .

و يحاول المتدخل من خلال ورقته تسليط الضوء على مدى تحقق العدالة اللغوية والثقافية بين اللغات المتواجدة بالمشهد التعليمي المغربي مع إبراز طبيعة العلاقة اللغوية التي تربط بين اللغتين الرسميتين للبلاد.

في المحور الأول تناول الأستاذ المتدخل ” السياسة اللغوية والحق اللغوي”  تعريف مفهوم السياسة اللغوية ، ليخلص إلى أن ” التدبير السليم للسياسة اللغوية يقوم على نقد الأوضاع و واقعية الخيارات ووضوح الرؤى في إطار شمولي ومؤسساتي ” .  في  هذا السياق استحضر تعريف أكسيل  هونيت للحق اللغوي باعتباره ” شكلا من أشكال الاعتراف بين الذوات، إن على المستوى القانوني أو المستوى الاجتماعي؛ فالاعتراف القانوني هو الذي يضمن حرية الأفراد واستقلالهم الذاتي، ويحيلنا إلى الحقوق الفردية …” .

و إذا كانت  الدولة المغربية قد  حاولت الموازنة بين لغتين رئيسيتين في المشهد اللغوي، اللغة الأمازيغية واللغة العربية، بجعلهما لغتين رسميتين لكن مع وجود تراتبية نصية في الفصل الخامس من دستور2011 ، فإن  المتدخل حاول  مساءلة  السياسة اللغوية  من خلال إلقاء نظرة موجزة عن وضعية كل لغة داخل السوق اللغوية بالمغرب،  حيث اعتبر  للغة العربية  تعاني الأمرين على مستوى الفضاء والشارع العام. فرغم وضعها القانوني الجيد وحجم الترسانة القانونية التي تحميها، إلا أن الممارسة الواقعية تفضح عدم قدرة اللغة العربية على منافسة اللغة الفرنسية خاصة في الإدارة والاقتصاد.

أما بالنسبة للغة الأمازيغية، إلى جانب كونها لغة تواصل يومي لجمهور عريض من سكان المغرب، ومضي ما يزيد عن عشر سنوات على ترسيمها إلا أنها تعيش وضعية مقلقة في ظل المنافسة الشرسة من الدارجة المغربية من جهة والبطء في تفعيل المقتضيات القانونية الخاصة بتفعيل طابعها الرسمي من جهة ثانية.

أما  المحور الثاني ، فقد خصص لتتبع مسار إدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية من مرحلة الإدماج سنة 2003 ، مرورا بمرحلة ظهور معطى التخصص في الأمازيغية  إلى مرحلة ما بعد صدور القانون التنظيمي .

ثم انتقل المتدخل بعد ذلك لرصد تجليات العدالة اللغوية في قطاع التعليم من خلال إجراء مقارنة بين درجة حضور اللغات الثلاثة (الأمازيغية والعربية والفرنسية) بكل من التعليم المدرسي والتعليم العالي.

وقد توقف عند الخصاص في أساتذة اللغة الأمازيغية المتخصصة وعدد السنوات التي يتطلبها التعميم في كل سلك تعليمي ، بالإضافة إلى الغلاف الزمني الأسبوعي المخصص لكل لغة  باعتباره من بين المؤشرات الأساسية التي ستمكن من الوقوف على مدى تحقق عدالة لغوية بين اللغات المشكلة لقطب اللغات بالسلك الابتدائي. ليخلص في الأخير إلى التفاوت الكبير بين اللغات الثلاثة من حيث الكفايات المستهدفة في نهاية كل مستوى دراسي، مما يبرز نوعا من اللامساواة في تحديد الكفايات التواصلية سواء في شقها الشفهي أو المكتوب.

ثم انتقل المتدخل إلى نقاش وضعية تدريس اللغة الأمازيغية في المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين و كذا التعليم الجامعي  و ما يعرفه من معيقات من بينها : عدم تعميم شعبة اللغة الأمازيغية بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين ، و إدراج مجزوءة خاصة باللغة الأمازيغية في مسلك الإدارة التربوية…الخ .

أما في الجامعات ، فيبقى عدد الكليات التي تتوفر فيها شعبة للغة الأمازيغية هزيلا جدا إذا أخدنا بعين الاعتبار عدد كليات الآداب والعلوم الإنسانية بالمغرب والتي تحوي شعب اللغات. فمن أصل حوالي 16 كلية آداب وعلوم إنسانية، تتواجد شعبة اللغة الأمازيغية ب 5 كليات فقط أي بنسبة 31% بالنسبة لسلك الإجازة الأساسية. بينما يتواجد سلك الماستر في 3 كليات فقط أي بنسبة 18%. لكن تكمن الملاحظة الأساسية في غياب وحدة خاصة بمادة اللغة الأمازيغية بجميع التخصصات الأخرى وبمختلف الكليات إسوة بمادّتي اللغة الفرنسية والإنجليزية الحاضرتين بجميع الشعب في شكل وحدة اللغة والتواصل.

مداخلة الأستاذ رشيد بحماني

“العدالة الثقافية في السياسات العمومية الترابية: الأمازيغية نموذجا”

افتتح المتدخل ورقته البحثية بالوقوف عند سياق الموضوع و راهنيته حيث  يشغل موضوع العدالة الثقافية حيزا كبيرا من اهتمامات الفاعلين الترابيين المختلفين خصوصا اللارسميون منهم، من نشطاء وجمعيات المجتمع المدني المشتغلة في الحقل الثقافي الأمازيغي، خصوصا أمام السيرورة والمخاض الذي عرفه تدبير الشأن الامازيغي بالمغرب منذ الاستقلال إلى اليوم، حيث شكل الاعتراف الرسمي بالأمازيغية وترسيم اللغة الأمازيغية منعطفا أساسيا في هذه السيرورة، ما أعاد الأمل في تغيير جدري في تعاطي السلطة مع هذا الملف. كما شكل تبني الدولة لخيار اللامركزية دافعا للمدافعين عن الأمازيغية للمطالبة بمزيد من المكاسب والمطالبة بإنصاف فعلي للأمازيغية، وتحقيق عدالة ثقافية حقيقية.

و قد قارب الأستاذ موضوع  ترابية السياسات العمومية الثقافية، من خلال تناول العدالة الثقافية في السياسات العمومية الترابية: الأمازيغية نموذجا، من زاويتين اثنتين: الأولى من خلال علم السياسة وتحديدا حقل السياسات العمومية،  ثم أيضا من جانب قانوني باعتبار الموضوع مؤطرا بنصوص قانونية متعددة.

هكذا ، استهل مداخلته  بموضوع السياسات العمومية بالمغرب بين اللامركزية والترابية ، ليقارب  بعد ذلك إشكالية تدبير الشأن الثقافي ترابيا ورهان العدالة الثقافية ، من خلال  تناول واقع الأمازيغية على المستوى الترابي باعتبارها شأنا ثقافيا يدخل ضمن اختصاصات مجموعة من الأطراف، حيث اقتصر  على طرفين أساسيين وهما : الجماعات الترابية الثلاث، والمصالح اللاممركزة التي تعنى بالشأن الثقافي.

ليخصل إلى  ذكر سبل جعل الأمازيغية رافعة للتنمية الترابية ، ثم يختم مداخلته بمجموعة من التوصيات التي يمكن من خلالها إرساء العدالة الثقافية في السياسات العمومية الترابية .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى